يبدع قربان سعيد رائعته هذه في أجواء عشرينيات القرن الماضي، عن الحنين والمنفى، والعشق والهجران، والرغبة والإنكار، متلمسًا ذلك التباين الطاغي بين ثقافة تركيا المحافظة في حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية وطموحات برلين المتنامية في ذاك الزمان، ومستكشفاً الصدام الحتمي بين قيم كلتا الثقافتين، وما يستتبعه من علاقة لا تخلو من تحفز وتربص بين المسلمين والمسيحيين. إنها حكاية فتاة تقف حائرة بين عالمين.
فرّت (زاد الأنباري) مع والدها من تركيا المتهالكة بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، وهما من العائلات النبيلة المقربة إلى بلاط تلك الإمبراطورية، أملاً في بدء حياة جديدة في مدينة برلين. ووقعت الفتاة المسلمة ذات التسعة عشر ربيعاً في هوى العالم الغربي، وهي التي كانت مخطوبة إلى أمير تركي، ووجدت نفسها تقع في غرام طبيب من النمسا، وتتزوجه برغم إلحاده. ولما شاءت الأقدار أن يعود ذاك الأمير للظهور في عالمها، وجدت (زاد) نفسها حائرة بين التمسك بزيجة عقدتها بكل الحب والإخلاص، والخضوع لوعد قطعته على نفسها منذ زمن. هذه هي أول ترجمة إلى اللغة العربية للرواية الرائعة التي أبدعها قربان سعيد في العام 1938 ، لتكون روايته الثانية بعد روايته الشهيرة "علي ونينو"، بأسلوب متفرد فذ، حتى بقى جمالها وسحرها الأدبي حاضراً بقوة، وقادراً بكل حذق وتمكن على أن يأسر لُب القارئ حتى في زمننا هذا.