تعتبر رواية (امرأة من طهران)، للروائية الإيرانية المعاصرة "فريبا وفي"، من أنجح الآثار الأدبية في اللغة الفارسية خلال السنوات القليلة الماضية.
الرواية صدرت في طبعات عديدة داخل إيران، وحصلت على عدة جوائز، كما ترجمت للعديد من اللغات، كالروسية والسويدية والتركية والكردية واليابانية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، ومؤخراً ترجمها للعربية أحمد موسى، أستاذ اللغة الفارسية والأدب المقارن بكلية الآداب بالجديدة، وصدرت عن منشورات الربيع بالقاهرة شهر يناير 2020.
"امرأة من طهران" تروي حياة النساء حبيسات الجدران الأربعة الغارقات في العزلة المفروضة، وليست تلك المختارة بمحض الإرادة؛ يتحملن حياة الزوج الباردة والباهتة، وقد تعلمن أن يطمسن كل شيء في ذواتهن وأن يعشن من دون طائر يرفرف عالياً؛ فهي حديث المرأة التي لا حلم لها، المرأة التي لا أمل لها، وهي في النهاية المرأة التي لا طائر لها.
تُطلع "فريبا وفي" القراء في روايتها على العوالم الداخلية لآلاف النساء الإيرانيات، وتسمع صوت النسوة اللواتي يقضين عمرهن محاصرات بالقضايا الدينية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية في مجتمع كالمجتمع الإيراني. تكمن إثارة الرواية وجاذبيتها في محتواها البسيط والحقيقي، وفي رسالتها الإنسانية التي توصلها إلى الجميع بعيداً عن علائقها الإقليمية وتعلقاتها الثقافية.
ميزة العمل الكبيرة هي لغته الحية والقوية، لاسيما أنه نهل من أسلوب السخرية الطريفة؛ ويتبين ذلك منذ مطلع الرواية (هنا الصين الشيوعية، لم أر الصين بأم عيني لكني أظن أنها تشبه حارتنا. كلاَّ، بل حارتنا هي التي تشبه الصين؛ ملأى بالبشر. يقال إن شوارع الصين لا يُرى فيها أثر لأي حيوان، أينما ولّيت وجهك ترى بشراً فقط، وعلى هذا فحارتنا أفضل حالاً من الصين، لأن لدينا هرَّة عاهرة تقتعد حافة الشرفة، وبالصدفة جارنا في الطابق الثالث هو الآخر يعتني ببغاء، ويوجد أيضاً متجر للطيور في ناصية الشارع).