كاتبٌ وحيد لأمه، والده مصاب بالزهايمر، حياته سلسلة من الانكسارات...
حين كان يضع لمساته الأخيرة على روايته الأولى، سمع أزيز الرصاص ودويّ القذائف من منزله الكائن في منطقة الحمرا ببيروت في ذلك اليوم من أيار 2008، حذف نصه عن شاشة الكومبيوتر، فمات بِكره قبل أن يرى النور، لأن الحرب قادرة على تغيير المزاج وقتل الأفكار، جلس أمام التلفاز يتخيّل دخول المسلّحين إلى شقته، تعذيبه، التنكيل به، رميه بالرصاص، إلقاء جثته، حيث الأجساد المهشّمة تتشابه في التشوهات...
في ليلة واحدة أصبحت منطقة الحمرا كوجه إنسان تلقى لكمة على عينيه، أضاع الشارع بوصلته... مدرعات الجيش قطعت الطرق المؤدية إلى قصر قريطم... ازدادت الشعارات الحزبية على الجدران... غلاة البنادق أبدعوا في صناعة الخوف...
ومن ثالوث العزلة، الحرب والموت، تتدفق ذاكرة محمد الحجيري في روايته الأولى "طيور الرغبة" لتكتب سيرته في رحلته الشاقة من مسقط رأسه "عرش إيل" إلى بيروت، ومن مراهق فقير يهوى المطالعة، ويحلم بالانضمام إلى صفوف اليسار، إلى كاتب أربعيني منطو على نفسه، يكره كل الأحزاب والأيديولوجيات، ويجالس عالما افتراضياً على الإنترنت...
"طيور الرغبة" ليست مجرَّد رواية بل هي حياةٌ تنبض بكامل التفاصيل...