واقفاً على حافة العالم البشري ، خائفاً من الدخول إليه وغير قادر على الهرب منه ، يطالعنا هاري هاللر الشخصية المحورية في هذه الرواية ، ونافذة هرمان هيسة للإطلالة على الذات البشرية وهي تتمزق بين الانتماء واللانتماء ، بين الثقافي الذي يشدها إلى الآخر ، والطبيعي الذي يفضح توحش الذات ويزيد من اغترابها . ألا يسكن في كل واحد منا ذئب البراري الساكن في هذه الرواية ألا يعوي في دواخلنا ونحن نلفه بالصمت ؟ ألا يكشر عن أنيابه ويرفع مخالبه عالياً في وجه عالم يغلفه الزيف وتتراكم أقنعته يوماً بعد آخر ؟
تعتبر هذه الرواية التي مثلت صدمة لقراء هيسه عند صدورها ، لحظة انشقاق في تجربته الإبداعية وعلامة فارقة عدل من خلالها عن كتاباته الرومانسية الأولى ، وأشرع الأبواب على باطن الإنسان تعصف به رياح القلق والحيرة ، وتحركه الرغبات العمياء والمكبوتات الدفينة . لذلك فإنها تكره القارئ العادي البسيط المسالم وتريد قارئا ذئبا لا يتردد عن رفع مخالبه وإزاحة الأقنعة