كل ثورة دليل حيوية.. والشباب هو الجزء الحيوي في الجسم؛ فلا عجب أن يقوم بالثورة الشباب..
هكذا وبمنتهى البساطة يستهلّ الكاتب العظيم توفيق الحكيم كتابه "ثورة الشباب"، والذي بدا وكأنه يكتب فصوله وهو حاضر بيننا يتابع أحداث الثورات الحديثة، على الرغم من أنَّ الكتاب صدرت طبعته الأولى عام 1975.
لم يكن ما كتبه الحكيم في هذه الصفحات مجرد كلام عام يمكن أن يُحمل على عدة أوجه، بل كانت الثقة التي كتب بها تجعل كلماته أقرب إلى النبوءة!
وكأن حس الفنان استشرف المستقبل ورأى معالم ما سيحدث، وإلا فكيف تنبّأ بأن ثورة الشباب ستكون سلمية بلا عنف، وأنها ستكتسب زهواً في البداية، مما يجعل البعض يعتبرها أعظم ثورات التاريخ قبل أن يضعها التاريخ في سياقها الطبيعي لتطور أي أمة، وأنها ستُجابَه بثورة مضادة تؤدي إلى العنف، وأن الثورة ستلجأ إلى عنف الهوجة لاقتلاع كل ما قبلها فتصبح بدايتها بداية كل خير وتاريخها هو تأريخ لكل شيء!!