ربيع جابر روائي وصحفي لبناني، حاصل على الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) لعام 2012 عن روايته "دروز بلغراد"، له العديد من الأعمال والروايات، وقد تُرجم بعضها إلى الفرنسية والألمانية.
تُحكى هذه الرواية أو النص الأدبي على لسان بطلها "حسام"، وتعتبر حواراً مع النفس أو مونولوج طويل. "حسام" الذي يعتقد بأن الحياة عبارة عن مسرحية هزلية عبثية بلا معنى وهو مجرد مؤدٍّ فيها. وتدور في عقله الكثير من الأفكار التي يريد أن يكتبها لكنه لا يستطيع، يتمنى أن يتوقف الصداع الشديد الذي يصيب رأسه ولا يريد أن ينتحر مثل واحد من أصدقائه، الكثير من الأفكار والهلوسات التي تدور في عقله كدوامة.
من أجواء الرواية: "أي عالم حقيقي، أي كذب، أية مهزلة، يفكّر حسام. ينفث الدخان من منخريه مثل تنين صغير وينحني صوب الإبريق ليسكب فنجان شاي آخر. (البخار لم يعد ساخناً كما في البداية).
كيف يكون هذا ممكناً، كيف يمضي الوقت هكذا، ذلك العصر وذلك المطر الأصفر وذلك الشباك، كأن ذلك لم يكن إلّا بالأمس، كيف يكون الأمس قبل ثلاث عشرة سنة، ويكون ممكناً؟ يواصل التفكير وهو يشعر بالخفة – يشعر أنه يرتفع عن السرير.
ينظر في المرآة: وجهه أصفر مثل يقطينة يابسة. هذا هو الوجه – يفكر حسام - هذا هو وجه ذئب البوادي، وجه الرجل الوطواط عندما يكون وحده في الكهف السري، وجه لاكي لوك، وجه تختخ الحقيقي. يضع حسام السيكارة في فمه متذكراً رسوم لاكي لوك (والسيكارة المعلّقة بين الشفتين).
"أنا راعي البقر المسكين الوحيد"، يغني حسام في صمت الغرفة وهو يدخّن ويشرب الشاي الثقيل المر وينظر في المرآة القديمة. فجأة، يسمع حركة في الخارج – تقترب. ترى هل أتوا؟ يصيخ السمع - الحركة تتابع – خطوات تصعد الدرج."