الإنسان سجين طبعه، والطبع موروث لا دخل له فيه، وحياة الإنسان قصيرة، مهما زادت قوة فهي إلى ضعف، ومهما طالت فهي إلى نهاية، ولكن تُرى أيعيش الإنسان أسيرًا لطبيعته الموروثة من والديه؛ فهما بداية ميلاده إلى الدنيا أم يبذل الجهد في سبيل فهم نفسه وتركيبها؛ إذ لم يكن له أن يختار الأجزاء التي صُنع منها...
توقف توفيق الحكيم بعد أن دارت في رأسه هذه الأفكار، وكتب سيرته الذاتية "سجن العمر" والتي روى فيها أيام طفولته، وفكر بصوت عالٍ؛ لنحاول معه الوصول إلى إجابات مُرضية، وقرر فحص الأجزاء التي تكون منها فحصًا دقيقًا، وتحرر من القيود التقليدية في سرد تفاصيل حياته، فوقف على الحياد، وصدق الوصف وبرع في التصوير، فخط بيده سيرة ذاتية ذات أبعاد فكرية مُنيرة لم يسبقه إليها أحد.