"سأخون وطني" حتمًا سترتبك وربما تبتلع ريقك بصعوبة أمام هذا العنوان فمن هذا الذي يقرِّر خيانة وطنه ثمَّ قبل أن يُقدِمَ على فعلته يؤلِّف كتابًا يخبر الجميع بأنَّه سيقوم بذلك!
هذا ما فعله محمد الماغوط، فجاء كتابه سأخون وطني بمثابة إنذار لمن يهمه الأمر بأنَّ هناك من سيخون الوطن إذا ما استمرَّ الوطن بخيانته.
يجمع الماغوط في كتابه هذا معظم مقالاته التي كتبها في فترات متباعدة والتي تناولت وناقشت الوضع العربي وتضمنَّت نقدًا للمجتمع وتصرَّفات النّاس فيه، ولكن على الرَّغم من اليأس والمرارة التي تفوح من بين صفحات الكتاب إلّا أنَّه حاول دسَّ بعض النّور هنا وهناك فجمع بين الليل والنّهار والأمل واليأس وقدَّم لنا في النهاية صورةً متكاملة عن الإنسان العربي الذي أثقلته الهزائم ونكَّلت به جميع الأطراف.
يُحاكم كتاب سأخون وطني الحياة ذات الشعارات الرنّانة التي تصمُّ آذان الشباب وتُعمي أبصارهم فيحاول بذلك الأخذ بيد جيلٍ كامل تمَّ استنزاف طاقاته وثرواته من أجل بعض الأكاذيب.
هذا الكتاب يُعتبر صرخةً يودُّ كلُّ مواطنٍ عربي أن يصرخها علَّ حقوقه المسلوبة تعود يومًا ما ترجم فيه الماغوط أفكارًا ومشاعر وقضايا لا يمكن السكوت عنها أكثر من ذلك.