رواية "ساحرات بلا مكانس" للكاتبة السعودية إيمان خطاف، تتناول الرواية فلسفة الشر، وأزمة الوصم الاجتماعي، كما تكشف عن الجزئيات والتفاصيل التي تسم علاقات الذكورة والأنوثة في البيئة العربية، كما أبرزت أن للمرأة صوتاً، فخفت صوت الرجل، ويظهر ذلك بوضوح في "ساحرات بلا مكانس"، من خلال الأنثى الساردة للأحداث، فتاة اسمها "علياء"، التي قدمت لنا مشاعرها وأفكارها وتصرفاتها وسيرة حياتها بطريقة مباشرة، ولدت علياء في أسرة مفككة، لأم من بلد عربي، وكان الناس ينعتون علياء ببنت الساحرة، بنت المشعوذة، بنت الدجالة، بنت خطّافة الرجال، كل ذلك لأن والدتها، هي "سلمى نور الدين"، المرأة القادمة من بلاد فاس وطنجة وتطوان، من حضارة بدأت من الفنيقين وامتدت إلى العهد الإسلامي، وحضنت الثقافة الأمازيغية والعربية والعبرية والإفريقية. ووالد علياء من بلد عربي آخر، تتعرض علياء لفضيحة مدوية وتقع فريسة الخذلان، لتصاب لاحقًا بداء الصدفية، وتبدأ رحلة مواجهة المرض الذي يلتهم جسدها ويشوّه تفاصيله.
وتعرج الرواية إلى الحميمية بين الرجل والمرأة المصابة بمرض جلدي، من خلال علاقة علياء بوليد، الرجل التقليدي المتشبع بقبح الموروث الاجتماعي، لتعكس النزاع الداخلي الذي يعتري الأنثى المريضة حين ترى جمالها يتآكل، وحيويتها تهبط، وجاذبيتها تترنح، كما تعالج موضوع الزواج الثاني للرجل السعودي من امرأة عربية وعدم تقبل مجتمع الزوج لها، كما تكشف عن السيرورة المغلقة التي تسم حياة المرأة (زواج، إنجاب، تربية الأولاد)، كما تدافع عن المرأة التي تختار البقاء بدون زواج، حيث أنها تستطيع خلق سعادتها بنفسها، وترصد حياة نساء اخترن أن يكن عبيد المجتمع، مقيدات بالأعراف والتقاليد ولا يستطعن الخروج من هذه الدائرة.
هذه الرواية ذات العنوان الساخر، تتناول نظرية الوصم التي تجرد الفرد من أهلية القبول الاجتماعي الكامل، وأزمة التعايش في المجتمعات، رواية يتم التركيز فيها على أزمة الهوية، كل هذا إلى جانب إشكالات الصراع، ومفهوم الاغتراب، وأعداء الاختلاف والسمعة النفسي الذي يعيشه مصابو الأمراض الجلدية، خاصة الإناث منهن، على اعتبار أن الجمال قيمة أنثوية عالية.