"قال استاذنا الحكيم:
الناس أجناس والنفوس لباس، ومن تلبس نفساً من غير جنسه وقع في الالتباس.
فسألناه:
يا معلمنا، فهل النفس قناع نرتديه إن أحببنا وإن كرهناه نبذناه؟
فردمؤنباً:
ألم أقل لكم من تقنّع هلك.
قلنا:
فمن ينجو يا معلمنا؟
أطرق متأملاً ثم رفع رأسه يجول فينا ببصره وقال في بطء:
يا أبنائي وأحبائي، أفنيت العمر في البحث والترحال، فما عرفت إلا أن الجواب هو السؤال."
بداية رواية نقطة النور لبهاء طاهر.
تقع الرواية في ثلاث أقسام، سالم ولبنى والباشكاتب، في سرد صوفي رومانسي حالم وجميل،
السرد في أدب بهاء طاهر يأتي سلساً، سهلاً، كأنه جدول ماء ينساب بين السطور والصفحات، وهذا هو اسلوب بهاء طاهر المميز، كأن المرء يقرأ أو يسمع الكلمات بكل جمالها ورونقها، إضافة إلى بلاغته الواضحة وجمله واسلوبه الجميل، وهو من جيل كتاب الستينات الأفضل، وهو حائز على عدد من الجوائز الأدبية وله عدد من الروايات الشهيرة وأهمها رواية واحدة الغروب، وهو حائز على جائزة الدولة التقديرية في الأدب في عام 1998.
هذه رواية صوفية رومانسية حالمة، تسرد قصط كل شخصية من وجهة نظر مختلفة، ويتحدث فيها كل شخص عن ذاته ومخاوفه وحياته، سالم من جهة وجده الباشكاتب، ذكريات طفولة وحلم الشباب، لبنى والحياة التي تأخذها وتبحث عن الحب والاستقرار، هي رواية يمثابة رحلة حالمة بسرد جميل ومميز، فيه من البلاغة والجمال ما يشبه الشعر، نص يتمرز بالغنى والثراء اللغوي والمعنوي، مثل كل روايات بهاء طاهر، ومن يقرأ لبهاء طاهر مرة يقع في حب اللغة والاسلوب ويعود إليها مجدداً ويبحث عن جميع رواياته الأخرى.