قد اختلف موقف المستوطن الأمريكى من الزنوج عنه من الهنود، ففى الوقت الذى أباد فيه بوحشية لا مثيل لها القبائل الهندية ذات الثقافات القديمة الغنية، وأصحاب الأرض الأصليين، فإنه لم يعمل على إبادة الزنوج، بل هو الذى أدخلهم إلى القارة، وكان يعتبرهم جزءًا من قوته ورأسماله. وحتى يتم له ذلك، جاهد ببشاعة لمحو ثقافتهم وطمس أى أثر يدل على علاقة ــ من أى نوع ــ لهم بالجنس البشرى! من بين هؤلاء الزنوج حاول الكثيرون الهرب إلى الولايات الشمالية، وإلى كندا، ومن بين الذين نجحوا فى الهرب، كان فريدريك دوجلاس ــ مؤلف هذه السيرة وصاحبها ــ لكنه كان مختلفًا عن غيره، لقد كان فهمه للعبودية مبكرًا، وكان هروبه مبكرًا أيضًا، ولقد انضم فى الشمال إلى الجماعات المناهضة للعبودية، وأصبح من أكبر رجالها وخطبائها، وقائدًا متحمسًا لبنى جنسه من الملونين، ثم أصبح وزيرًا فى الحكومة الاتحادية بعد الحرب. إنها قـصة قـديمة مـضى عليـها أكثر من قرن من الزمان، لكنها لم تزل حية نابضة؛ فهى قصة روح معذبة، واضطهاد لا مثيل له، لا يكتبها إلا من عاشها وكابدها. إنها تصور بصدق بالغ التأثير فظاعة الحياة فى المزارع الواسعة فى الجنوب الأمريكى تحت مظلة العبودية، وتضرب عميقًا فى النفاذ إلى جوهر العبودية، والأعمال اللاإنسانية لملاَّك العبيد