يقول أدونيس في هذا الكتاب:-
"إننا نعيش في وضع يقول لنا أن الخطر اليوم علينا، نحن العرب، يجيء من جميع الجهات: من المستقبل، ومن الحاضر، ومن الماضي. ويقول لنا إن (ثقافة) اولئك الناطقين باسم (الأمة) و(ثوابتها) و(حقائقها المطلقة) لا تشوه المعرفة وطرقها وحسب، وإنما تلغيها كذلك. إنها (ثقافة) مؤسسة على خلل أصلي في العلاقات بين الأسماء والأشياء، بل ليس في هذه (الثقافة) أشياء. كلها ألفاظ واستيهامات. والمعرفة فيها لا تنشأ من استقراء الطبيعة والأشياء وتغيراتها، وإنما تنشأ، على العكس، من استقراء المقروء: النصوص وتأويلها، المعرفة بحسب هذه (الثقافة) أقل من أن تكون (ظاهرة صوتية) كما يعبر عنها عبد الله القصيمي، إنها مجرد (ظاهرة كلامية)، إنها (ثقافة) لاتلغي الأفراد والتاريخ وحسب، وإنما تلغي أيضاً (الأمة) نفسها."
يقوم الشاعر والباحث أدونيس بمناقشة اللغة والشعر والتحديات التي تواجه العرب في الماضي والحاضر والمستقبل والأخطار التي تؤثر على ثقافتهم وتاريخهم من كل الجهات، ويتحدث في فصول هذا الكتاب عن أفكاره وخواطره حول الكثير من الأمور التي يفكر فيها ويحللها لغوياً وتاريخياً فيتحدث عن اللغة العربية وأصولها وتطورها وتأثرها وتأثيرها، كما يتحدث عن الإبداع والشكل في الإبداع وكيفية وصول الكاتب والشاعر إلى هذا الشكل الذي يريد، بالإضافة إلى حديث مطول عن الكتابة، أساليبها ودهاليزها وتناول الكتاب والشعراء لها، وأن الإبداع ليس مسألة ايصال بل هو مسألة استقصاء، كما يتحدث عن السردية الشعرية وعلاقتها مع عزلة الكاتب، وغيرها من المواضيع.
يعتبر هذا الكتاب رحلة تحليلية للشاعر أدونيس وأفكاره عن الإبداع والشعر والكتابة واللغة، فيتناولها بنصوص من فكره وعقله وتحليله وغالباً ما يطرح تساؤلات كثيرة في نهاية كل نص تنتظر الإجابة والتفكير.