"كان جسده النحيل مشبعًا بالدفء من النار المتوهجة الصاعدة من جسم مدفأة محاطة بالحجر الفخاري الأحمر وقد وضعت في ركن زاوية الغرفة وتوزعت فوقها تماثيل نحاسية وخزفية فاخرة...
حاول الكتابة أكثر من مرة وهو مضطرب الأنفاس مرتجف اليدين...
كان يكتب ثمَّ يقرأ ما كتبه ليمزقه ويرميه في سلة المهملات..يقرأ ويمزق، حتى امتلأت سلة المهملات بقصاصات لا معنى لها!!
سرت في جسد "حسام" قشعريرة أشعرته بعدم رضاه عن نفسه فيما يكتب...أخلى كرسيه خلف مكتبه..اقترب من المدفأة أكثر علّه يستجمع شمل أفكاره..قرّب قلمه من الوهج ليشيع في جسمه البارد حنانًا وشوقًا للكتابة.
عيناه الخضراوان تبرقان على وهج المدفأة...بعد لحظات شعر بسخونة لذيذة تسري في عروقه، تمنى معها لو يبقى عمره كّله جالسًا أمام الدفء...
استجمع قواه العقلية متكاسلًا وعاد إلى جلسته الأولى..راح سنُّ القلم يتأرجح مرةً أخرى ليسود الصفحة البيضاء ويرسم صورة خيلٍ، وفأسٍ، ومحراث...حينئذٍ حملته رياح الذاكرة إلى قريته..
تذكر صورته وهو تلميذٌ صغير في مدرسة القرية يجلس مع زميله" فداء أحمد" على مقعد الدراسة، كما اقتحمت ذاكرته صورة والده قادمًأ نحوه غاضبًا يطلب منه الذهاب معه إلى الحقل وجمع شمائل القمح..."
"لمسة حب" حكايةُ ذاكرةٍ توقدت فجأة لتنسكب احداثها على الورق راسمة قصةً من وحي الواقع تحدث بيننا دائمًا لكنّنا لم نلتفت إليها مرة !!