"يستدرجني الغضب إلى مقال مباشر، ليس هكذا تكتب الحكايات، مهمتي صعبة يا شهرزاد، الأنقاض كثيرة، وعلى جدك أن ينقض كثيراً قبل أن يغزل لك كساء من هذه الحكاية، أو يقيم منها مبنى له منطق ومعمار. جدك ضائع يا بنت، نقض الوزر ظهره وأقعده. ستقول البنت....، لا لن تفصح فهي حيية تراعيني، ستقول لنفسها: جدي يتعثر، يتوهم في نفسه القدرة على جمع خيوط قرنين من الزمان وفتلها في حبل واحد، ويقول شدوا! شاخ جدي، سحبته الشيخوخة إلى عاطفية المسنين، يثير الإشفاق ويتوسل الرحمة، لا أتوسل الرحمة يا بنت، لا أتوهم، أريد أن أحكي الحكاية، أريد الدقة، أريد العدل، لا أريد شيئاً (غير مجد في ملتي واعتقادي/ نوح باك ولا ترنم شاد)، سأنقشها نقشاً على لوحة وأعلقها بباب البيت، أتربع وراء الباب، أسده بظهري متدثراً من أعلى رأسي إلى أخمص قدمي بخيوط ما نكثته من كساء، أغلق عيني وأسقط في البئر. لا يا ولد، لا تنظر في البئر، لا تبحث عن حبل غليظ تشد به الرجل الطيب، غير مجد."
رضوى عاشور من رواية قطعة من أوروبا.
يكفي أن يقرأ الإنسان مرة واحدة لرضوى عاشور فيتعلق بسردها وقصصها الثرية الغنية وأسلوبها الفريد، فيجد نفسه يبحث عن رواياتها دوماً، وهذه رواية أخرى للكاتبة المصرية المبدعة، هذه قصة يحكيها الناظر ويتحدث فيها عن مصر عندما أرادها الخديوي أن تكون قطعة من أوروبا، فتجول رضوى عاشور في تاريخ مصر وتاريخ المباني القاهرية، تسرد الحكايات والوثائق والتاريخ كلها متوازية ومتجانسة في مزيج أدبي متميز، هي خيوط تتجمع معاً لتسرد تاريخاً مصرياً وليس شخصياً للناظر نفسه، وهو عجوز ويحكي ويحكي، وحكاياته هي الرواية.