سنوات طويلة وكلماتي تتصارع مع انشغالي، كلاهما يحاول أن يسيطر على عقلي ويستعبده لخدمته طوال الوقت، أنهيت دراستي، استقر عملي، هدأ السعي والانشغال، فانتصرت الكلمات وعدت أكتب مرة أخرى بعد سنوات من التوقف.
الواقع أن طقوسي في الكتابة قد اختلفت تماماً عن طفولتي وباكر صباي... في الماضي كنت أدخل إلى غرفتي، أغمض عينّي، أستمع إلى موسيقى هادئة لأحلّق بقلبي وعقلي في عالم الخيال.
تغيرت كما تغير كل شيء من حولي، فعندما أشرع في الكتابة أمشي في الشوارع، أفتح عينيَّ جيداً لأرى البشر، أسمع كلامهم وضحكهم وبكاءهم، لأستقي حكاياتي من هموم واقع أراه أصبح يفوق الخيال، وهأنا أسوقها إليك لترى شخوصاً وأحداثاً عاشت في رأسي أياماً طويلةً حتى نقلتها إلى أوراقي.
بهذه الكلمات الملهمة يقدم لنا الكاتب الطبيب حسن كمال مجموعته القصصية بعنوان "كشري مصر"، وتتضمن هذه المجموعة عدداً من القصص القصيرة المتنوعة تحت عناوين عديدة منها، محدقون بلا عيون، خروف اليد، كشري مصر، العين والحاجب، العزف..بأصابع قصيرة، اللحم المر، دفاع غير شرعي عن النفس وغيرها، وتمتاز قصص الكاتب الطبيب حسن كمال بكونها سريعة ومباشرة وسلسة فتأخذ المرء إلى داخلها وتبتلعه بسرعة ليعيش تلك اللحظات القصيرة مع الشخصيات ويكاد يلمسها بيده لفرط واقعيتها وقربها من الحياة بتفاصيلها ورونقها الجميل.
تتميز قصص حسن كمال القصيرة بالإنسانية والبساطة وتمتلك سحراً تغلفه لغة سردية جميلة وحواراً بالعامية المصرية ونصاً معاصراً في الوقت ذاته وتتميز بكونها جزءاً من فن القصة القصيرة المميز والممتع.
ومن الجدير بالذكر أن هذا الكتاب حاز على شعبية كبيرة ومبيعات عالية وحصد عدداً من الجوائز في مجال القصة القصيرة.