"قلب الظلمات" رواية غير عادية تأتي في مجملها كتصوير أدبى بارع لأفريقيا المستعمرة، فى العصر الكولونيالي الذى اتسم بوحشية الاستعمار ولا إنسانية لا تضاهي، وصلت حدّ استغلال الشعوب البائسة التى كانت ترفل فى غياهب الظلام الحضارى من منظور الحضارة الغربية، وفى ظلمات الفطرة البدائية التى وإن كانت تكفى للعيش فى سلام وانسجام مع الطبيعة العفية البكر للبلاد الأفريقية، إلا أنها لا تليق إلا بالكائنات التى قُدِرَ لها أن تكون مطمعاً للمستعمر الأبيض، ينهب ثرواتها، ويستعبدها لخدمته، ويجعل من حياتها جحيماً يليق بالكائنات الكسولة الخاملة.
يمكننا اعتبار هذه الرواية لـلكاتب جوزيف كونراد دُرَّة أعماله التى توصف بأنها مختلفة وموجعة حيث كانت من تجربة مرّ بها الكاتب حين عمل بحاراً على مركب «نيللي» البخاري مبحراً من نهر التايمز إلى نهر الكونغو، حيث التقى فى رحلته العجائبية بالقبطان الاسطورى «مارلو» الذى كان يعمل فى نفس الشركة، فى نقل العاج الذى يتطلب قتل الأفيال الأفريقية للحصول على الأموال الطائلة التى تدفع ثمناً لهذه البضاعة، التى يقبل الأثرياء على اقتنائها.