تتحدث رواية "حزن غير محتمل" للأديب النمساوي بيتر هاندكه، عن شخصية والدته البائسة وتجارب حياتها القاسية محاولاً البعد بقدر استطاعته عن ذاته ومشكلاته الخاصة. يتابع هاندكه في هذا العمل أحوال أمه في مراحل حياتها ومرضها المختلفة، في عبارات شاعرية تتابع من غير ترتيب أو نظام، فهي رواية نعي طويلٍ لوالدته، حيث بدأ هاندكه رواية قصتها منذ البداية، منذ أن كانت طفلة صغيرة تعيش في الريف تحت سيطرة أبيها إلى أن أصبحت امرأة ناضجة هاجرت إلى المدينة لتنطلق وتعيش حرية جديدة فيها، هي امرأة قوية الشخصية، لكنها مع نهاية أيامها تبدأ بالإنهيار وتكتب إلى إبنها محاولة أن تجد طريقة للعودة إلى ما كانت عليه.. فهل تنجح في هذا؟
ومن أجواء الرواية نقرأ: "صدرت جريدة "فولكستسايتونج" في مدينة "كرتنر" التابعة لبلدية "ج"، وبها عامود يحمل عنوان"أخبار متنوعة"، كتب تحته ما يلي: " في مدينة "أ" انتحرت ليلة السبت الماضي ربة منزل تبلغ من العمر واحداً وخمسين عاماً بعد أن تناولت جرعة زائدة من الحبوب المنومة"، والآن مرت ستة أسابيع منذ أن ماتت أمي، وأنا أريد أن أبدأ العمل قبل أن يتحول الإحتياج إلى الكتابة عنها، الذي شعرت به بقوة يوم دفنها، إلى عجز متبلد عن الكلام، وقد كان هذا العجز هو ما استقبلت به خبر انتحارها، نعم، البدء في العمل، لأن الاحتياج لأكتب شيئاً عن أمي حتى ولو كنت أشعر به في بعض الأحيان مفاجئاً ودون مقدمات، إلا أنه في الوقت نفسه رغبة غير محددة تحتاج إلا أن أبذل كل طاقتي في العمل حتى لا أدق على آلة الكتابة دائماً، وأكتب الحرف نفسه على الورقة، هذا العلاج الحركي وحده لن يفيدني، سوف يجعلني فقط أكثر سلبية وأكثر تبلداً".