يتساءل المفكر التونسي الكبير يوسف الصديق في كتابه هذا: "ما الذي جعل القرآن غير قابل للقراءة المأذونة إلا بوساطة رجال الدين؟ ومن الذي بَوَّأَ رجل الدين سلطة التعهّد بقراءة ما، ثم الأمر بترديد ما وقف عليه؟ وما بال هذا النص البديع يأتي إلى مسامعنا في تلاوة رتيبة فنستبدل طاقته في بث بعده الكوني بسبات شتوي في فضاءات أرشيفنا العربي الإسلامي المنخورة؟".
كان لهذا الكتاب عند صدوره بالفرنسية عنوان آخر يمكن تعريبه حرفيا ب "أنّا لم نقرأ القرآن بعد."
ولقد لاقى هذا العنوان نجاحًا كبيرًا في الأوساط الناطقة بالفرنسية وتفاعلت معه ومع توافقه والمحتوى، وقد بقي هذا المحتوى هو ذاته بعد التعريب حيث يطرح الكاتب أسئلةً كثيرة في هذه الظروف عن معنى عودة إسلام أو إسلامات متجلدة متصقعة حجبت أفق القراءة الحق أكثر من ذي قبل وأقامت دونها جدران التحجر والإستبداد بالفكر الأوحد الذي ركب التلاوة دون غيرها من استقبال النص المنزل لكي لا يعترف، إلا في التلاوة ذاتها، بالأمر الالهي الأول الذي أوحي إلينا عن طريق النبي الأمين محمد ابن عبدالله (ص): "اقرأ باسم ربك الذي خلق".