لتجربة إبراهيم نصر الله الروائية مذاق جديد في الكتابة العربية المعاصرة على أكثر من مستوى، فهو القادم من أرض الشعر الذي استطاع أن يقدم اقتراحات إبداعية بارزة في كتابة الرواية، بحيث غدا كل إصدار روائي له مساهمة عميقة فيما بات يطلق عليه اليوم (ديوان العرب الجديد)، إلى تلك الدرجة التي نعتقد معها أنه قد كرس عمره كله للإبداع الروائي وحده، لكن ذلك السر في الحقيقة يعود إلى أن نصر الله يجيء الرواية مُعززاً بتجربة شعرية عريضة، أهلته للفوز بعدد من أهم الجوائز، من بينها جائزة سلطان العويس للشعر العربي لعام 98 وهي أرفع جائزة عربية؛ كما يجيء الرواية معززاً بخبرة في مجالي الفن التشكيلي والتصوير الفوتغرافي، إضافة إلى علاقته الخاصة بالسينما في أبرز تجلياتها، والتي تركت أثراً عميقاً في أعماله.
في روايات نصر الله، تتجلى واضحة حرية الفنان، وتلك العلاقة الضرورية التي تربط الفنون، وتوحّدها؛ كما يتداخل الأسطوري بالواقعي، والواقعي بالسريالي، والسريالي بالكوميديا السوداء، والسردي مع الشعري مع المرئي.
ورواية نصر الله هذه (حارس المدينة الضائعة) رواية مدهشة بانفتاحها الجريء على الروح العارية لهذا العالم في أقصى حالات غربتها في نهايات القرن على المستويين: العربي والإنساني العام، في أجواء تلامس أدب الخيال العلمي، والسخرية السوداء المدفوعة إلى حدود الرعب