"جريت وجريت وجريت، كأن قدميّ مربوطتان على عجلة، وكان خوفي يسبقني، قلبي يرتجف، يداي ترتعشان، حلقي جاف شفتاي متيبستان، والعرق ينز من جسدي كحشود من النمل، لا رجوع، لا للتراجع، ليس سوى الاندفاع للأمام. في أثناء قطعي تلك المسافات الشاسعة أدركت أن الركض هو خياري الوحيد، لقد قلّبت الأمر في عقلي، فكرت كثيرًا فكرت مرارًا، فكرت بخوف، لكن أيضًا فكرت في الاعتراف، فكرت بأني سأكون ابنًا بارًا بأمي، لقد نهشت الحياة ما يكفي منها، أحيانًا علينا أن نمنح الحياة بسلب حياةٍ أخرى، الحياة أخذُ وعطاء، ربما يولد كائن ليموت آخر، إننا نتأرجح في ميزان الحياة والموت".
من رواية دفاتر فارهو للكاتبة ليلى عبد الله.
هذه هي الرواية الأولى للكاتبة العُمانية ليلى عبد الله، وهي رواية تتناول الحروب والتشرد واللجوء والكثير مما يتعرض له البشر من قسوة الحياة.
تأتي الحكاية من الصومال وهو يعاني من الحرب والفقر والجوع والمرض حيث تبدأ بسرد قصة حياة بطلها فارهو أو فارح وحياة عائلته المليئة بالصعاب والمخاطر ومواجهة الموت في كل ثانية.
تبدأ الحكاية مع فارهو بعد سنوات وهو في الثلاثة والأربعين، يسرد قصة حياتة منذ عمر السابعة، فيصف الصومال التي عاش فيها طفولته وحكاياته ومأساته هو وعائلته، فأخته عائشة تعمل خادمة وأمه مريضة والفقر يحول دون شراء العلاج، وخاله منصور استغلالي جشع.
تنتقل الحكاية مع فارهو من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان، حيث تتغير الأحوال وتتغير الحياة، فينتقل بين حياته الجديدة وبين ذكرياته، وتجمعها كلها المأساة التي يتشاركون فيها، مأساة الباحثين عن الحياة بعد الفرار من الأوطان التي طردتهم إلى بلدٍ غريبة يعاملون فيها كمنبوذين طوال الوقت.