في "براري الحمى" ينشغل الروائي بالتعبير عن الفضاء الداخلي للإنسان العربي، هي رواية مقلقة تدور حول سؤال الذات، الغربة والعزلة، الحياة والحلم، الخيال واليقظة، البدايات والنهايات، الشك واليقين كل هذه المفردات يضمها الروائي في قاموسه الممتلئ بخليط فني شعري وأدبي غارق في الإيحاءات، والقدرات المعرفية التي أحالها "نصرالله" في هذا النص إلى مفاهيم وتأويلات عبّر بها عن تلك العوالم المرتبكة في مرحلة ما بعد الحداثة حيث اعتبرها الأدباء "من أدق التجارب الجمالية تشرباً لروح الحداثة، فقد استبطن المؤلف الحداثة استبطاناً كاملاً، وكأنه ولد فيها".
لقد أجاد الروائي في عمله هذا في استخدام تقنية سردية بارعة لذلك التمزق في الوعي والازدواجية التي تعيشها الشخصية الرئيسة في العمل، حيث يتخذ من شخصية المدرس "محمد حماد" إطاراً للتعبير عن الرؤى الداخلية لكينونة الإنسان العربي، يغوص فيها بعمق في فضاء التجربة، تجربة الصحراء حيث تدور أحداث الرواية في "القنفذة" و"سبت شمران"، يأخذك "نصرالله" في شعابها برحلة تتجاوز بها المكان لتعبر معه أعماق الكائنات الحية والجمادات في تلك الصحراء الموحشة.