بعد النهاية

تعتبر رواية "بعد النهاية" للأديب الصيني تشو داشين رواية نصف سياسية ونصف فلسفية، رواية كلوحة إطارها يحمل استقصاء لحياة حاكم ما، ومضمونها يرسم علاقات مجتمعية وعاطفية متشابكة ومعقدة تشبه حياتنا جميعاً. رجلٌ مات يعاد إحياءه بعيون 26 مقابلة أدبية مع بعض من كانوا قريبين منه، 26 رؤية مختلفة لرجل واحد، و26 رواية متباينة للحدث نفسه.
وتعكس الرواية حلم الصين وهمومها وتراجيديا الحياة وكل حياة، وهي بمثابة تصوير خيالي للواقع من خلال لقاءات قام بها الكاتب مع 26 شخصية، يحكون فيها عن علاقاتهم ومواقفهم مع هذا الحاكم من زوايا مختلفة ومتعددة، الأمر الذي رسم صورة كاملة متكاملة عن حياة هذا الحاكم من خلال هؤلاء الشخصيات أصحاب الهويات المختلفة. وقد أضاف الكاتب لروايته نكهة الواقعية والمصداقية من خلال شبكة العلاقات الاجتماعية التي كانت متنوعة، كما انطلق في بداية روايته بالنعي والتأبين، فأضاف طابع الواقعية على الأحداث، وكأن الكاتب يحاول أن يعيد هذا الحاكم للحياة أمام أعيننا مرة أخرى.
وقد جعلت الزيارات الإستقصائية التي قام بها الكاتب من أجل هذه الرواية، روايةً بعيدة عن كونها سياسية بحتة، ويمكن اعتبارها رواية إنسانية ولا علاقة لها بالسياسة، وكل ما في الأمر أن بطل الرواية هو شخص يعمل في الوسط السياسي، فالقارئ لن يجد مؤامرات واغتيالات أو غيرها، بل هي في مضمونها نقد للذات وللواقع الحياتي في الصين، ومحاولة لفهم أعمق الأسرار وخبايا النفس البشرية. كما يكشف لنا الكاتب في روايته هذه أسراراً عن هذا الحاكم "الافتراضي" وعلاقاته الاجتماعية المتشابكة والمعقدة، بما فيها ميلاده، طفولته، التحاقه بالدراسة، تخرجه من الجامعة، زواجه، التحاقه بالعمل، وتدرجه في المناصب وصولاً إلى شغله لمنصب حاكم المقاطعة، متحدثاً لنا عن تفاصيل من حياته، نجاحاته، انتكاساته، وجوانب متعددة من شخصيته.