لم يعد لدينا ما نخسره !!
بهذه العبارة الصادمة يبدأ الكاتب مشواره الجديد في هذا الكتاب..
لكن لماذا الجديد ؟؟ لأن الكاتب الذي أمضى حياته يبشر بالأمل والتفاؤل قرر أن يعيد قراءة الواقع بشكل مغاير .. بشكل غاضب لأن هناك من يدس السم في العسل ...
" "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان، لكنهم من الداخل ذئاب خاطفة، من ثمارهم تعرفونهم.." شكلت هذه العبارة التي تُنسب إلى المسيح عيسى عليه السلام جزء من الحصانة التي أمضي بها في الحياة، هناك لا ريب من يبطن عكس ما يُظهر، ولا يحق لي أن أجزع كلما قابلت أحدهم، أو أن أضيع وقتي في الشكوى والتذمر، خصوصاً وأنه ـ عليه السلام ـ أوضح لنا طريقة يمكننا من خلالها أن نكشف مثل هؤلاء وهي ثمارهم التي لا ريب ستنبت مع الوقت، وتظهر في سلوك وأفعال تنبئ عن حقيقتهم المخبوءة.
بيد أن هناك إشكالية أخرى ظهرت لي، معضلة توقف ذهني لبعض الوقت في محاولة لفهمها واستيعابها، وهي مشكلة هؤلاء الأمناء، الشرفاء، الشجعان، الذين قضوا من أعمارهم شطراً غير هين في تسويق أنفسهم كأصحاب فضائل، ثم نراهم فجأة يبيعون كل ماضيهم ويسيرون في عكس الاتجاه!.
نعم أتعجب ـ وحق لمثلي العجب ـ إذ أرى الرجل الأمين يخون .. والشجاع يجبن .. والصادق يكذب . لماذا ضرب هؤلاء صفحاً عن فضائلهم السابقة، واختاروا لأنفسهم طريق آخر. وتزيد حيرتي إذ يرفض عقلي فكرة الكذب أو الرياء، هؤلاء بلا شك لم يراءوا الناس بفضائلهم، إنهم ليسوا من طائفة "الأنبياء الكذبة".