"كان ما يزال في البيت، وها هو الأب يسارع إلى قرع أحد الأبواب الجانبية قرعاً خافتاً ولكن بقبضة اليد، ويقول بصوتٍ مرتفع: "غريغور، غريغور، ماذا هنالك؟ وبعد لحظة قصيرة، يعود ويقول بنبرة عميقة أكثر "غريور، غريغور"، وخلف الباب الجانبي الآخر، كانت أخت غريغور تهمس بحزن رقيق: "غريغور، ألا تشعر أنك بخير؟ أأنت في حاجة إلى شيء ما، ووجه غريغور نفس الجواب في الإتجاهين، ناطقاً الكلمات بأقصى ما استطاعه من وضوح، فاصلاً بين الكلمة والأخرى بلحظة صمت ضافية حتى لا يبدو صوته مثيراً للإستغراب: "سأكون جاهزاً على الفور"، هكذا عاد الأب للاستمرار في إفطاره، لكن الأخت همست: "غريغور، هلا فتحت، أتوسل إليك" إلا أن مسألة فتح الباب لم تكن واردة باللنسبة لغريغور، بل إنه على العكس كان يهنئ نفسه على الحيطة التي اكتسبها من سفراته، والتي تجعله يغلق كل الأبواب ليلاً بالمفتاح، حتى حين يكون في الشقة، كان ينوي بدءاً أن ينهض في هدوء ومن دون أن يزعجه أحد، وأن يرتدي ملابسه وأن يفطر بالخصوص، وبعدها فحسب، يفكر فيما يتعين أن يلي ذلك من أمور، إذ إنه كان مدركاً تماماً أن تأملاته وهو في السرير لن تفضي إلى أي نتيجة معقولة، وتذكر أنه في العديد من المرات، حدث أن استشعر ألماً ما خفيفاً، سببه له وضع جسدي سيء، وبعدها كان يتضح له، ما إن ينتصب واقفاً، أنه ألم متخيل ليس إلا ، وهفت نفسه حال من الإهتياج، وأسقط الحذر من حسابه، واندفع بجسمه إلى الأمام بكل ما استجمعه من قوة، حدث أنه لم يحسن التحكم في اتجاه اندفاعته: وقد ارتطم بعمود حافة السرير، والألم المبرح الذي استشعره جعله يدرك أن القسم من جسده الأشد حساسية في اللحظة الراهنة لربما يكون هو القسم السفلي".