أما ليلة السبت فهي دائمًا ليلة صعبة علي، لأنها الليلة التي أعيده فيها لأمه، ليذهب للمدرسة صباح الأحد. أدخل البيت من مشوار الفرهدة العاطفية ذلك، خال اليد منه فهو دائم التعلق بكفي. على عتبة البيت أجد ريح مهند واللـه إني لأجد ريحه الطيبة في ملابسه التي كان يرتديها فأدنيها مني، أتشممها، وأستنشق وسادته، فينسكب منها عطر طفولته البريئة، ويذكرني برائحته حين كان رضيعًا، يا اللـه ما أجملها.. أفتقد فركه ولعبه الخطر الذي يجعل ذهني في حالة تيقظ لئلا يصيب نفسه، أو يؤذيها، فهو يقفز ويتنطط في كل مكان.. يبقى فقط له أن يطير.. أفتقده جدًا.. أفتقده بشدة.. أفتقده للغاية. يخاصمني النوم في هذه الليلة الليلاء، وأتحسس عنقي باحثا عن لفة ذراعه الصغيرة التي كانت تحيطني فلا أجدها، فيرتعد قلبي وينتفض، وكأن جسدي أصابته الحمى، فيما أسميه بنبرة آسيانة: حمى ليلة السبت.
أكثر ما يعذبني في ليلة السبت طاعة ابني المطلقة، فالولد يتصرف كما يليق به كابن بار.. في مشوار توصيله لأمه لا أسمع منه سوى كلمة حاضر، وكما علمونا أن كلمة حاضر "بتريح" ظننت أنني سأرتاح بها، فإذا بالـ(حاضر) هذه تعذبني، وتجعل القلب ﻻ يقوى على الفراق. يا بني لِمَ تطيعني بهذا الشكل المتعب.. ألا تقاوحني كعادتك، وتشاكسني، وتعصي أمري، فيبرد قلبي ولو قليلًا لفراقك المؤقت.. ألا تعرف شيئًا عن غلظة القلب يا أخي!!