تدور أحداث الرواية في قرية نويتيا، التابعة لإقليم غاليسيا في إسبانيا، وتحكي عن الواقع المرير الذي تغلغلت فيه المافيا، لدرجة كادت أن تصبح فيه غاليسيا صقلية أخرى. حيث كان هناك انتشار للمافيا والجريمة المنظمة وشبكات تهريب المخدّرات والسلاح وشبكات الدعارة، وسلطة المال والفساد.
يجسد هذا العمل واقعاً عنوانه "الآذان ليست للسمع، والفم ليس للكلام"، حيث تختلط الكلمات مع الأحاسيس بين الجدّية والفكاهة، لتجعلنا ندخل في أعماق شخوص الرواية، حيث لكل منها أكثر من اسم أو لقب، إنه وجه آخر، ونبرة صوت أخرى.
"الصمت في كل شيء"، رواية سوداء تمتلأ سطورها بالصمت ممزوجاً بضجيج وصخب الأحداث التي تجري في الخفاء، ونجد أن الجميع كانوا راغبين في أن يصبحوا "مارشالاً"؛ وهو مصطلح أطلق في تلك الفترة على زعماء شبكات التهريب، فهم الآمرين الناهين وهم أصحاب السلطة في نويتيا.
وفي روايتنا هذه، هناك ثلاث شخصيات محورية، هي فينس وبرينكو وليدا، الذين ولدوا وترعرعوا في مجتمع نويتيا، مع واقعهم الصامت والضبابي، مع البحر كخلفية حاضرة في كل الرواية، ويصبح كلاً من فينس وبرينكو، عدوين لدودين، أحدهما يمثّل سلطة القانون، والآخر سلطة الفساد.
يعدّ تهريب التبغ والكحول ضرورةً تم التعامل معها وقبولها في تجربة الاقتصاد الغاليسي الهزيل إلى جانب أشخاص غامضين ومريبين استنفدوا قدرات الآخرين على الاحتمال فاشتغلوا في الإتجار بالمخدرات والأسلحة.
على الرغم من تضمّن الرواية أربعة تفاصيل مؤشرة إلى الزمن حيث تتبلور الحكاية، يمكن الحديث عن قصة تتراءى خارجة على الوقت، بعبارات مبهمة على نسق: "كان يا مكان في قديم الزمان". غير أن ريباس يعي كيف ينبِّهنا إلى أن ما يريد الإفصاح عنه لا يمتُّ إلى القصص الخرافية، بلا ريب. ليس المكان بعيدًا جغرافيًا إلى هذا الحد ولم تجرِ الحوادث منذ زمن طويل أيضًا. إنها غاليسيا، أما ما يحدث فقد حدث البارحة فحسب.
وتتميز الرواية بالشخوص المركبة، الذين يجعلوا الحياة تدب في هذه الحكاية القاسية، ولكنها قابلة للتصديق، ولغتها الفاتنة والجريئة تخفف من حدَّتها وتُظهر التقليد الغاليسي الباطني. كما يظهر في هذه الرواية البحر كخلفية لها، ومصدراً للحياة، فهي رواية سوداء في صمتها و ضبابها وزرقاء كما البحر.