كان عابدًا ناسكًا فى محراب الفكر لا يشغله ما يدور فى خلد غيره من الرغبة فى ملذات الحياة ونشوتها، ولم يكترث لمباهج الدنيا وزخارفها، يبدأ يومه بمطالعة الصحف، ثم ينكب على القراءة والكتابة حياته فى تلك الغرفة المشحونة بالكتب الوافدة من مشارق الأرض ومغاربها لا شمس تسطع فى غرفته، فيقينه أن شمس الحقيقة تكمن بين جدران مكتبته فهى شمس لا تغيب، وبينما هو يفض إحدى الرسائل وقف عند تلك الرسالة التى تقول صاحبتها إنها ترغب فى تعلم الأدب بل واحترافه على يد راهب الفكر لم تذكر اسمها ولا عنوانها ولكنها تركت تحديد موعد اللقاء لمحادثة تليفونية، وكان لها ما أرادت..
"الرباط المقدس" رواية تمتاز بإطارها الواقعي، ومن المعروف أنَّ الرواية الواقعية كانت سيدة الموقف في ذلك الوقت، كما تمتاز أيضا بفلسفيات توفيق الحكيم و جدلياته كما أن عشق الحكيم لألعاب القدر و المصادفات العجيبه فرض نفسه على أحداثها و لكن أروع ما فيها هو اسلوب النبوءة التي تحقق نفسها ف (راهب الفكر) قد أعطاها كتاب تاييس و في الكتاب أنَّ الراهب بافنوس كان زائغ القلب و فقد طريق السماء إلى الأبد و هو ما حدث مع (راهب الفكر) فهل يتزعزع إيمانه أمام المرأة؟!