"أنّى للعالم أن يسمع بينما المدن تتهالك تباعاً امام ناظريه ؟ من غيرنا يصقل الأخطاء ويؤاخي الهاوية ؟ صار الخروج من البيت ضرباً من الرهان، رمية نرد، إما أن تخسر حياتك في صباح رائق وربما في ظهيرة دافئة، أو تعود إلى البيت سالماً فتكون قد ربحت يوماً، وبوسعك آنذاك أن تحتفل مع أسرتك بنجاتك في هذا اليوم .. أما عن الغد، فذلك شأن آخر، وله رهان آخر."
أمين صالح من رواية المياه وظلالها.
هذا الكتاب هو قصيدة شعرية ورواية سينمائية، فالسرد هو قصيدة ممتدة وطويلة تكاد لا تنتهي أكثر منها لغة سردية بحتة، لذلك تعد هذه الرواية كنزاً لمحبي اللغة الشعرية الحساسة المرهفة، وفي الوقت ذاته يمتلك الكاتب عيناً سينمائية بمشاهد مميزة ولوحات ممتعة ومؤثرة لا تخلو من التميز والإبداع.
الكاتب أمين صالح هو بحريني الجنسية والمولد في عام 1950، وهو روائي وكاتب قصة وشاعر وكاتب سيناريو ومسرح ومترجم ومهتم بالسينما والفنون كلها، وهذا ما يجعل اسلوبه متميزاً وفريداً من نوعه، ويسرد في هذه الرواية قصة أهالي بلدة "المياه وظلالها"، وكل لحظات الدمار الإنساني الذي مرت به البشرية طوال السنوات الماضية بالإضافة إلى كل هواجس الهجرة إلى تلك البقاع الأجنبية تاركين خلفهم هزائمهم وقتلاهم، وشاهرون لضعفهم وخجلهم، وإذا سئلوا من أين جئتم، سيقولون جئنا من بلاد مهتوكة طحنتها المعارك، ولن يقولوا ما يشين، سوف يحجمون عن فضحها والإساءة إليها، وهكذا تمتد الحكاية بلغة السكان والأبرياء قتلى المياه والناجون منها لتؤلف معاً رواية تستحق كل الاهتمام.