يعد المسعودي أعظم المؤرخين العرب قاطبة، فهو مؤرخ جغرافي ورائد نظرية الانحراف الوراثي، ومن هنا فإنه من الغريب أن تجد أنه لم يكتب الكثير عنه من قبل كتاب عرب آخرين. وبسبب وضعه الفريد في مجال التاريخ العربي، فقد قارن الكتاب الأوروبيون اللاحقون بينه وبين هيرودوتس وأطلقوا عليه لقب هيرودوتس العرب.
وقد أبلغنا المسعودي في كتاباته بأنه ولد في بغداد، التي عرف فيها الكثير من الشخصيات الشهيرة في عالم الأدب والثقافة، كما ذكر اسمه 34 عملًا من أعماله، اختفت جميعها ولم يصلنا منها شيء، غير أن شذرات منها أمكن استخلاصها من المكتبات في أماكن مختلفة من العالم العربي ومن بينها هناك أربعة كتب كبرى في التاريخ، وهناك أيضاً كتب في الفقه والفلسفة، بل وأعمال في العلم والجغرافيا والرحلات.
من حسن الطالع أن العمل الذي يتم الاعتراف به باعتباره رائعة المسعودي بامتياز، وهو كتابه "مروج الذهب" قد وصل إلينا، ويتناول الاهتمامين الرئيسيين لدى المسعودي، وهما التاريخ والجغرافيا. ففيه يتناول تاريخ العالم منذ بدء الخليقة إلى الزمن الذي عاش فيه، حيث يقدم ثروة طائلة من القصص والطرائف المستمدة من كتاب آخرين أو من تجربته الشخصية..