كان الوقت يمضي وهي نائمة وابنها في حضنها، يدفئها بجسده وتدفئه بجسدها، ومهما طال الليل وطال الحُلم تصحو من النوم فلا ترى سندس الجنة الأخضر، بل جدار المحكمة الأسود الملطّخ بدماء الأمهات وبراز الأطفال، وشيء في صدرها يهمس، لا يمكن أن يكون الكون بغير عدل، ويعلم الله أن ابنها له أب معروف، وأنه قال لها أنت حبي والله يشهد، ثم بعد أن أنجبت طفلهما قال لها، عندي حبّ جديد، اذهبي فأنت طالق.
كان أنف الابن يشبه أنف أبيه، فقالت الفتاة للحارس انظر إليه، أليس هو الأنف ذاته؟ ضحك الحارس حتى غامت عيناه بالدموع، يا بنتي لا تنظر المحكمة إلى الأنوف بل إلى الأوراق والوثائق والشهادات، قالت، كان الله شاهدًا علينا، قال وهو يمسح دموعه، شهادة الله لا تدخل ملفّ القضية، لابد من ورقة مكتوبة ومختومة بالنسر.