"حاولت دائماً فهم اللغز الكامن وراء السطور، ولماذا تبدو هذه الفقرة جميل وتلك مفككة، ولماذا تمتعنا هذه القصة بينما تثير تلك مللنا، الرسالة الكهربية الغامضة من اجتماع الحرف جوار الحرف، لا تقل غموضاً ورهبة عن الطريقة التي تتتابع بها شفرة الحمض النووي لتصنع لنا حمضاً أمينياً مختلفاً في كل مرة، بنفس الرموز نحصل على بشرة ناعمة أو قامة فارعة أو صوت رخيم، وبنفس الرموز نحصل على راقصة باليه أو قطة أو خرتيت، هذا السحر الذي لا أعرف من أين يأتي، ولا يمكن استدعاؤه عند الحاجة، ولو عرفت لصرت مليارديراً، ولنلت جائزة نوبل في الأدب خلال بضعة أعوام."
هذه بعض الأفكار التي كتبها الكاتب الراحل أحمد خالد توفيق في هذا الكتاب الممتع، هو مجموعة من المقالات التي تتحدث عن الكتابة والإبداع، وتتضمن قصصاً شيقة وأخباراً عن الكتاب من جميع أنحاء العالم مما قرأ الدكتور أحمد خالد توفيق أو مما عرف وشاهد.
يحتوي هذا الكتاب على أفكاره الخاصة وتحليلاته عن الكتابة وفنها وطرق الإبداع فيها، من خلال نصوص تتسم بالظرافة وخفة الظل، وأي شخص قرأ لأحمد خالد توفيق يعرف أنه كاتب مبدع وأن نصوصه من الأكثر إمتاعاً وهي تخلو من الملل تماماً، فهو يحرك الحرف والكلمة والجملة ليعطي المعنى كما يريده، كما أن هناك إحساساً بالصدق والتواضع الشديد في كتاباته ونصوصه، فلا يدعي العبقرية ولا تأخذه النرجسية نحو مهالك الكتاب، بل يتحدث عن نفسه بكل تواضع وصدق، لتظهر شخصيته الحقيقة من بين السطور فيلمس فيها الشخص طبيعته الطيبة والجميلة والتي لا يزال محبوه يتحدثون عنها حتى اليوم بعد رحيله المفاجيء.