في حياة الخنساء عبر وحكم؛ ولا سيما أنها من أشهر شاعرات العرب، ومن أرجحهن عقلا، أجمع أهل الشعر والعلم على أنها لم تكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها، اسمها تماضر بنت عمرو ابن الشريد السلمية ولقبت بالخنساء، وهو صفة عربية للقرة الوحشية التي انخفض وسط أنفها وارتفع طرفه، ويوصف بها كذلك الظبي.
ولقد امتدح شعرها النابغة الذبياني الناقد المشهور في الجاهلية، فقال لها، بعد أن استمع إلى قصيدتها الرائية في صخر: اذهبي فأنت أشعر من كل ذات ثديين، ولولا أن هذا الأعشى أنشدني قبلك في عكاظ، لفضلتك على شعراء هذا الموسم؛ فإنك أشعر الجن والإنس.
وقيل لجرير: من أشعر الناس؟ قال: أنا لولا هذه الخبيثة، ويعني: الخنساء وقال عنها بشار بن برد: لم تقل امرأة قط الشعر إلا تبين الضعف فيه، فقيل له: أو كذلك الخنساء؟ قال: تلك فوق الرجال.
وقال المبرد: كانت الخنساء وليلى الأخيلية بائنتين في أشعارهما، متقدمتين لأكثر الفحول، وقلما رأيت امرأة تتقدم في صناعة.
في هذا الكتاب سنبحر في تفاصيل حياة الخنساء لنتعرَّف عليها عن قرب؛ نشأتها ومولدها، عائلتها، حياتها في الجاهلية والإسلام وأجمل ما قالت من شعر.