يقولونَ لي فيك انقباضٌ وإنَّما رأَوا رجلاً عن موقفِ الذلِّ أَحجَمَا
أرَى الناسَ مَن داناهُمُ هان عندهم ومَن أكرَمتْه عزةُ النفسِ أُكرِمَا
ولم أقضِ حَقَّ العلمِ إن كان كُلَّمَا بدا طَمَعٌ صَيَّرْتُه ليَ سُلَّما
وما زلتُ مُنحازًا بعِرْضيَ جانبًا من الذلِّ أعتدُّ الصيانةَ مَغنما.
بهذه الأبيات الرائقة يَصِف القاضي الجُرْجَانِيُّ شخصيتَه المترفِّعة المعتزَّة بالعلم، وهو في هذه الأبيات يُبيِّن لأهل عصره - ولنا فيما بَعْدُ - سِرَّ انقباضه عن الناس واعتزالهم.
ولد أبو الحسن علي في جرجان وتطوف في صباه في فارس والعراق، وسمع الحديث في نيسابور . وقد تولى القضاء على المذهب الشافعي مراراً في بلدان مختلفة حتى أصبح قاضي القضاة في الري ، وهذا سبب تسميته بالقاضي الجرجاني.
اتصل القاضي الجرجاني بالصاحب بن عباد وتوثقت الصلة بينهما برغم ما كان بينهما من اختلاف الرأي في المتنبي : فلما ألف الصاحب بن عباد (رسالته في الكشف عن مساوئ المتنبي ) ألف الجرجاني كتابه القيم: ( الوساطة بين المتنبي وخصومه ).
كان الجرجاني قاضيًا وشاعراً وناثراً وفقيهاً ومتكلماً ، ولكنه اشتهر بالشعر وبالتأليف في الأدب.