في زمنِ بعيد، ناءِ ةغائم ..
كنت لم أحرم ثدي أمي سوى من أربع سنوات فحسب، وكان طعم الصبار المر، الذي رضعته على حلمتيها لفطامي، لم يزل طازجاَ في فمي، كان لا يزال عالقاَ بطرف شفتي حين ترك أبي باب دكانه مفتوحا على مصراعيه، وذهب لمدرسة طولون الابتدائية الجديدة، بجوار سور الجامع، من طلعة الدحضيرة.
راح الأسطى فرج مسرعا للهدف الجلل كما هو، ببنطلونه الكاكي القديم والصديري البلدي، المبقع بالغراء الناشف، فوق القميص الكاروهات المشمر حتى الكوعين، هرول نحو المدرسة والقلم الكوبيا على أذنه اليمنى، والدوسيه الورقي تحت إبطه، اجتاز باب المدرسة الحديدي، ودخل للإدارة مباشرة، وقدم للأستاذ نصر، سكرتير المدرسة، الأوراق المطلوبة كاملة : ملف به شهادة ميلادي، وست صور،أربعة في ستة، وخمسة طوابع معونة الشتاء بخمسين قرشاَ، وعاد للبيت .