"تركتني صاحبة الفندق، مدام لومرسييه، وحدي في غرفتي بعد أن ذكّرتني في كلمات قصيرة بكل المزايا المادية، والمعنوية التي يتمتع بها بنسيون عائلة لومرسييه"...
داخل هذه الغرفة في مسكن عائلة لومرسييه التي تدخلها الشخصية الرئيسية، المجهولة الاسم، تدور أحداث رواية "الجحيم"، للكاتب الفرنسي هنري باربوس، بعد أن يجد الرجل، بطل الرواية، ثقباً في الجدار يسمح له برؤية ما يجري في الغرفة المقابلة، يصير مستلباً له، ويظلّ جالساً في غرفته طوال الوقت، يراقب الناس الكثر والمختلفين، الذين يقضون لياليهم داخل هذه الغرفة.
الرجل القادم من الريف إلى باريس، للعمل في إحدى المصارف، لا يشعر بالانتماء لشيء، ولا يملك غايةً ليحقّقها، كما لا يملك مشاعر تجاه أيّ شيء...كلّ ذلك قبل أن يرى الضوء المنبعث من الجدار، ويكتشف الثقب الموجود فيه ليقف على السرير ويراقب ما يجري، ويبقى على هذا المنوال لمدّة شهر، يراقب كلّ التفاصيل والخصوصيات، ويشاهد أشكالاً متنوّعة من العلاقات.
وهكذا يتمعّن في وحدته ويرصد الرجل كيف يعيش الناس وغالباً في جحيمهم، أو لعله جحيمه هو الذي جعله بدلاً من أن يعيش حياته وتعاستها يعيش حيوات الآخرين وتعاستهم...