يعتبر كثير من المؤرخين للفكر الفلسفي الإسلامي أن الفارابي هو المؤسس الحقيقي للدراسات الفلسفية في العالم العربي، والمنشئ الأول لما نسميه الآن الفلسفة الإسلامية؛ فقد شيد بنيانها، ووضع الأساس لجميع فروعها، ولا نكاد نجد فكرة عند من جاءوا بعده من فلاسفة الإسلام إلا لها أصل لديه، وهو أعرف فلاسفة الإسلام بتاريخ الفلسفة ونظريات الفلاسفة، ويتحدث في مؤلفاته حديث الخبير عن المدارس اليونانية، ويبين الفوارق بينها.
كانت بداية تعليم الفارابي في مدينته فاراب، حيث درس مجموعة من العلوم كالفلسفة والآداب والرّياضة وكذلك اللغات، وخصوصاً اللغة التّركيّة، بالإضافة إلى العربيّة والفارسيّة واليونانيّة، وبعد أن أصبح عُمرُ الفارابي خمسين عاماً انتقل إلى بغداد لمواصلة تعليمه، فتعلّم الطّب والفلسفة والفلك.
لقد كان للفارابي العديد من الأفكار والآراء في مختلف المجالات، وكانت بعض أفكاره مخالفة لما كان سائداً في ذلك الوقت. سنتعرَّف على هذه الأفكار وأكثر من ذلك في هذا الكتاب.