يعدُّ أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيي التنوخي الطائي الملقب بالبحتري أحد الشعراء البارزين في العصر العباسي فقد استطاع أن يتفرد بمكانة متميزة مع المتنبي ,وأبو تمام حيث كانوا أشهر أبناء عصرهم.
ولد البحتري في مدينة منبج التي تقع شمال شرق حلب السورية ،وتعددت الروايات التي ترجع أسباب اتخاذه لقب البحتري حيث يري البعض أنه لقب بذلك نظرا لقصر قامته بينما يرجع آخرون هذا اللقب إلي انتسابه لبني بحتر أحد فروع قبيلة طي، وقد ظهرت علامات النبوغ الشعري عليه منذ نعومة أظفاره .
أصبح البحتري من شعراء البلاط المشهورين أمثال المتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز بن المتوكل وقد حرص على تدعيم صلته مع وزراء الدولة العباسية وقادة الجيوش.
يعتبر البحتري شاعر الخيال الخصب حيث تأثر في موضوعاته بالطبيعة والعمران وقد تنوع أسلوبه الوصفي بين البداوة والحضارة الجديدة وقد أخذ من الحضارة الترابط الفكري والتصويري وحسن التأليف بينما أخذ من البيئة البدوية ماديتها ونقلها للصور الصادقة فأصبح شعره بعيدا عن أي تعقيد وزخرفة فلم يبالغ في تصوير الأشياء، كما سنرى في هذا الكتاب الذي يستعرض تفاصيل حياته ويحلّل أسلوبه الشعري وأهم قصائده.