توازي هذه النتف من الذكريات سنوات عمرك وقد شقت مقاطع الطرقات
مسار حياتك و شُرعت أمامك المخارج تلو المخارج لدرجة تشعر بحرج الإنختيار بينهما. كانت الكلمات التي يملأ بهدا دفتر مذكرتاه تشير إلى المقال المتعلق بـ "المادة المظلمة" والذي كان قد بعث به إلى دورية تعني بمجال الفلكيات. خلف الأحداث المحددة و الوجوه المألوفة يقبع إحساس بكل ما صار لاحقا مادة مظلمة:
لقاءات قصيرة, مواعد لم تتحقق, رسائل ضائعة, أسماء و أرقام هواتف ترتسم في مذكرة قديمة والتي نسيتَها و كل أولائك الذي و اللواتي مررت بهم في طريقك دون أن تدري بذلك. و كما في علم الفلك, فإن هذه المادة المظلمة كانت أكبر حجماقياسا بالجزء الظاهر من حياتك. لقد كانت غير موجودة. وهو لا يحتفظ في مذكرته سوى بذلك البصيص الذي يومض في جوف الظلمة. كم كان وانيا هذا الوميض بحيث كان يطبق عينيه و يركز انتباهه بحثا عن جزئية دالة ستسعف في إعادة صياغة الكل, غير أنه لا يوجد أي كل, لا شيء سوى الشذرات, غبار النجوم, لشد ما رغب في أن يغوص في أحشاء هذه المادة المظلمة, أن يصل الخيوط الممزقة ببعضها البعض, نعم, و يرجع إلى الوراء ليمسك مرة أخرى بهذه الظلال و أن يعلم أكثر عنها. محال ذلك.
إذن لم يتبق له سوى العثور من جديد على الألقاب. أو حتى الأسماء. لعلها تسعف كنقط جذب, ستبعث إلى سطح الوجود انطباعات ملتبسة وجدت العناء الكبير في توضيحهها.
أهي من طبيعة الأحلام أم من نسج الواقع ؟