بعد حياة حافلة بالعطاء استمرت ما يقارب تسعة عقود، اختار الراحل الكبير الأستاذ أنيس منصور صديقه وتلميذه، الدكتور مجدى العفيفي، ليأتمنه على ذلك التاريخ الحافل وذلك التراث الثري، فكان الرجل على قدر المسؤولية وأصدر مؤخراً كتابه المتميز«آخر 200 يوم مع أنيس منصور» فى 550 صفحة، تحمل كل منها ما يستحق أن يكون كتاباً فى حد ذاته، حيث غزارة المعلومات وانسيابها، والبلاغة فى التعبير وإبداعاتها، إضافة إلى تعدد جوانب الغوص فى الشخصية وحكاياها، من السياسة إلى العاطفة إلى الصحافة.
وعلى الرغم مما ينطوي عليه من أحاسيس الحزن مجرد الإشارة إلى "آخر" لحظات إلّا أنَّ هذا الكتاب استطاع بموسوعية أن يضفي على "آخر 200 يوم" مسحةً من السعادة عوضاً من الألم، ويستبدل فيه فكرة الافتقاد بفكرة الاستعادة والتمجيد... ذلك أن قلماً كأنيس منصور لا يُختصر بالحزن على رحيله، بل باستعادته على طريقة "النوستالجيا" التي تنشد زمناً أو شخصاً أو فكرةً.