البدايةُ كانت عندما خرجتِ السيدةُ أجاثا كريستي في مساءِ ذلك اليومِ، الثالثِ من ديسمبرَ، لا تعلمُ وِجهتَها، لكنها تركتْ رسالةً مقتضبةً لسكرتيرَتِها تطلبُ منها أن تُلغِيَ كلَّ مواعيدِها؛ لأنها ذاهبةٌ إلى يوركشاير، وعلى طريقةِ "كريستي" كانَ لابدَّ من وجودِ فتًى غجريٍّ يكشِفُ خيطًا دراميًا؛ ويَنسِجُ حولَهُ الجميعُ قصتَهم، كان هذا الفتي هو "جورج بست" الذي اختصَّه القدَرُ في ليلةٍ ماطرةٍ ليُخلِّدَ ذكراه، لا لشيءٍ سوى أنه أثناءَ مرورِه بمَنطِقةِ نيولاندز كورنر السياحيةِ، وجدَ سيارةً لا تزالُ مصابيحُها مُضاءةً، وفي داخلِها مِعطفٌ منَ الفروِ وحقيبةٌ صغيرةٌ خاليةٌ من متعلِّقاتِها، وثلاثةُ أثوابٍ وزوجانِ منَ الأحذيةِ، ورخصةُ قيادةٍ لم تعدْ صالحةً باسمِ "أجاثا كريستي".
ذهبتِ السيناريوهاتُ إلى انتحارِ السيدةِ أو مقتلِها؛ ليخرُجَ المئاتُ من رجالِ الشرطةِ والآلافُ منَ المتطوعينَ يبحثونَ عن سيدةِ الجريمةِ، وتستمرَّ المدينةُ كاملةً في البحثِ عنها، في قصةٍ جديدةٍ تكتبُها أجاثا كريستي، لكنها في تلك المرةِ، جعلتْ نفسَها البطلةَ، وجعلتْ من قُرائِها ومحبيها المحققينَ، كما لم تُغفِلْ عنصرَ الإثارةِ الذي عُرفَتْ به، حتى إنَّ صحيفةَ «الدايلي نيوز» أعلنتْ عن مكافأةٍ لمن يُدلي بأيِّ معلوماتٍ.
من سلسلة "ألف سيرة وسيرة" - إنتاج أصلي من كتاب صوتي