يعدُّ ابن رشيق القيرواني أحد أفضل البلاغيين والناقدين والشعراء والأدباء في تاريخ الأدب العربي، كان القيرواني ان روميا وکان مولی من موالي الأزد.حينما کان عمره ست عشرة سنة، رحل إلی القيروان لأنها کانت في قديم الزمان دار العلم بالمغرب وکان اشتهر بها ومدح صاحبها المعز بن باديس واتصل بخدمته وأمضی أربعين سنة ما بين قصره وحلقات العلم في المسجد، فعرف بالقيرواني.
كان ابن رشيق قنوعاً مسالماً، يتجنب معاداة الناس، ولم يکن صاحب همة في التنقل سعياً لمنصب أو عطاء وکان متدينا إلی حدّ ما، أما سلوکه العلمي ففيه تواضع العلماء وأمانتهم، فقد تتلمذ علی عدد من علماء عصره، وله آثاره منها: العمدة في محاسن الشعر و آدابه ونقده وقراضة الذهب في نقد أشعار العرب والشذوذ في اللغة، وطراز الأدب والممادح والمذام وديوانه الشعري، لكن معظم شعره فُقدَ مع الزمن.
جمع ابن رشيق القيرواني بين التأليف في الأدب والنقد والشعر، فكان علامة جامعا بين مختلف صنوف الأدب وأشهر أعلامه في ما بين القرنين الرابع والخامس هجري، لكن كنية ابن رشيق بالقيرواني تخفي الكثير من حياته المتقلبة والثرية خلال ترحاله بين البلدان، وتقلب أحواله التي لا تزال تحتاج إلى البحث والتمحيص لما تمثله مسيرته من مادة تاريخية ثرية، سنتعرَّف عليها بتفاصيلها الشيقة بين صفحات هذا الكتاب.